سيرة مقاوم اسمه محمد سعد قال فيه بري إنه «نصف الجنوب»
صفحة 1 من اصل 1
سيرة مقاوم اسمه محمد سعد قال فيه بري إنه «نصف الجنوب»
في العاشرة الا ربعا من صباح الاثنين في الرابع من آذار عام ,1985 اهتزت بلدة معركة الجنوبية شرق مدينة صور جراء انفجار كبير ضرب حسينية البلدة.
قبل يومين من هذا التاريخ كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد جردت حملة واسعة على البلدة لاعتقال المقاومين الذين اقلقوا راحة الاحتلال خلال السنوات الثلاث الماضية على وجوده في جنوب لبنان.
كانت ارض الجنوب قد بدأت تهتز تحت اقدام الاحتلال. ثمة رجال نذروا انفسهم لهذه المهمة، وكان على رأسهم القائدان الشابان في حركة «امل» محمد سعد وخليل جرادي من بلدة معركة. وكأي مقاوم يعمل تحت الارض لم تكن صورة محمد سعد معروفة لدى العامة ووسائل الاعلام، الا ان قوات الاحتلال جندت كل عملائها الامنيين لملاحقة هذا الشاب الواعد بعد ان ضجت قرى الجنوب ودساكره بالعمليات الفدائية.
أكثر من مرة افلت محمد سعد من كمين اسرائيلي او من حملة مداهمة بعد معلومات توفرت للمحتلين حول وجوده. هو كان يعرف انه بات ملاحقا، ولهذا لم يقض ليلتين متتاليتين في مكان واحد، وهذه من طبيعة المقاومين. لكن الاحتلال عرف اخيرا كيف ينصب الكمين الملائم لاغتياله.
كان محمد سعد وخليل جرادي صبيحة الرابع من آذار على موعد مع جمع من الاهالي والشباب في حسينية البلدة ظنا منهما انها المكان الاكثر أمنا، فضلا عن مراقبة شديدة من خارج البلدة لامكان قيام القوات المحتلة بحملة مداهمة مفاجئة. فات محمد سعد ان تكون قوات الاحتلال قد فخخت الحسينية قبل يومين بكمية كبيرة من المواد الناسفة يمكن تفجيرها عن بعد. عندما دوى الانفجار واطبقت الحسينية على من فيها اصبح محمد سعد وخليل جرادي وآخرون شهداء.
عند الظهر كان رئيس حركة «امل» نبيه بري يعقد مؤتمرا صحافيا في مكتبه في بربور ليقول: «لقد استشهد اليوم نصف الجنوب وعلى النصف الباقي ان يتابع المسيرة».
يعتبر محمد سعد واحدا من النماذج المقاومة التي تربت في كنف حركة «امل» ومؤسسها الامام موسى الصدر الذي اختفى خلال زيارة الى ليبيا قبل اربع سنوات من الاجتياح الاسرائيلي الثاني لجنوب لبنان عام .1982 هو سافر الى ليبيا بعد الاجتياح الاول عام 1978 على نية توفير الدعم لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي للشريط المحتل. ولهذا السبب كانت المؤسسات التربوية والاجتماعية التي انشأها الامام الصدر مكانا في الوقت نفسه لصناعة المقاومين الذين خرجوا من هذه المؤسسات، وكان منهم محمد سعد وحسن قصير وبلال فحص وآخرون.
ولد محمد سعد في بلدة معركة ـ لبنان 1956 من أبوين عامليين ترعرع في كنفهما. تلقى علومه الابتدائية في مدرسة البلدة الرسمية ثم انتقل الى مؤسسة جبل عامل المهنية (إحدى المؤسسات التي بناها الامام الصدر) في بلدة البرج الشمالي، فدرس علوم الكهرباء وبقي فيها حتى نال شهادته الدراسية التي خولته لكي يعين استاذاً لمادة الكهرباء في المهنية.
كان محمد سعد أحد أبرز الطلاب في مؤسسة جبل عامل المهنية. جريء ومقدام يصرف وقته بالدراسة الاكاديمية وبالمطالعة والمثابرة على حضور اللقاءات والندوات الثقافية والسياسية التي كان يعقدها الامام الصدر والدكتور الشهيد مصطفى شمران. وطد علاقاته الطيبة والجدية مع محيطه وخاصة مع زملائه وقد نال اعجاب اساتذته، ليس لكونه طالباً حافظاً لواجباته المدرسية بل لنشاطه المميز وللتأييد والثقة التي نالها من زملائه الطلاب حيث نال من بين اكثر من خمسمائة طالب الثقة لدى الادارة ولدى الطلاب فتحول صلة الوصل الداعية بينهما.
اتقن محمد سعد فن الاصغاء كما برع في فن الخطابة والكلام فكان محاوراً بارعاً في طرح الاسئلة الثقافية والسياسية. عين مدرساً لمادة الكهرباء في العام 1977 بعد أن رفض عدداً من فرص العمل خارج المؤسسة، ليس لسبب بل لإيمانه بأن المؤسسة هي إحدى القلاع التي بناها الامام لتكون الانطلاقة الداعية والملتزمة لمقاومة اسرائيل ولرفع الحرمان عن كاهل اللبنانيين وتخريج اجيال ملتزمة من اجل مجتمع سليم مؤمنة وهو القائل (فرد رسالي + أمة مؤمنة تساوي حضارة اسلامية).
وجوده في المؤسسة فتح له الآفاق لكي يشارك في العمل الثقافي والعمل العسكري داخل المقاومة والالتقاء بالكوادر من المناطق اللبنانية كافة، إضافة الى إلقاء المحاضرات التنظيمية والقيام بإعداد الكوادر وتنظيم الخلايا في المدن والقرى اللبنانية وكانت المؤسسة هي المنطلق.
خاض وأخوانه غمار المقاومة تحت شعار «اسرائيل شر مطلق» والتعامل معها حرام، وقد سبق هذا القرار سلوك مقاوم،حيث واجهوا في البرج الشمالي وفي خلدة وغيرها من المواقع عندما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تدخل إبان الاجتياح في حزيران عام .1982 مارس فعل المواجهة بعدد من الخطوات التنظيمية عبر صفوف المقاومة:
1 ـ تعبئة الوطنية ودعوة للتمسك بالأرض والقيم والمبادئ.
2 ـ إحياء المناسبات الدينية وإقامة المهرجانات التي من خلالها استطاع مع اخوانه أن يصنعوا المجتمع المقاوم ـ هذا المجتمع الذي شارك فيه الشيخ والمرأة والطفل والشاب حيث توزعت الأدوار بهدف مقارعة الاحتلال. وكان النجاح الباهر عندما اقيمت مسيرة جماهيرية حاشدة في صور بذكرى تغييب الامام الصدر في يوم 31 آب ,1982 أي بعد الاجتياح الاسرائيلي بأقل من 25 يوماً، وهي المسيرة التي دعا اليها في حينه الرئيس نبيه بري.
وقد رفعت في المسيرة شعارات نددت بالاحتلال الاسرائيلي ودعت الى مقاومته بشتى الوسائل المتاحة.
كانت المقاومة واعية للمشاريع الاسرائيلية، وقد رفضت برمتها على لسان نبيه بري عندما قال: لا يمكن أن نكون مع العصر الاسرائيلي الذي حذرنا منه الامام الصدر ولا نركب قطار السلم الاسرائيلي ولن نهادن ولن نسالم ولن نسقط ولا للإفرازات الماضية والحاضرة والآتية لا خوفاً ولا طمعاً فالتعامل مع اسرائيل حرام.
وهكذا استطاعت المقاومة أن تسجل في يوم واحد أكثر من سبعين عملية بين تفجير عبوات وقنص جنود واعتراض آليات وقصف مراكز عسكرية واغتيال عملاء. يومها كتبت الصحف العالمية أن اسرائيل تواجه جيشاً منظماً اسمه المقاومة وقائده رجل من بلدة معركة اسمه محمد سعد.
واذا كان يوم اعتقال الشيخ الشهيد راغب حرب في 19 آذار 1983 سجل انطلاقة الانتفاضة الشعبية الكبرى، فإن انتفاضات القرى والمدن اللبنانية استمرت بتصاعد يوما بعد يوم، تتنقل من قرية الى أخرى، لتعود اليها من جديد.. ولتتحول من ثم كل قرية عن جدارة الى عاصمة كبرى للبنان..
وفي 11/11/1982 سجل التحول الكبير في عمليات رجال المقاومة ضد تجمعات العدو الاسرائيلي: بدء العمليات الاستشهادية.
ففي صبيحة ذلك اليوم، قاد فتى من دير «قانون النهر» يدعى أحمد قصير ولقبه «حيدر» سيارة مرسيدس مفخخة بأكثر من مئتي كيلوغرام من المواد المتفجرة واقتحم بها مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي لمنطقة صور، وللحظات.. لم يصدق كثيرون ما سمعوا، ولـكن التفاصيل بدأت تتوالى، «لقد دمر المبنى المؤلف من 8 طوابق على من فيه»، قال أوري أور قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال واضاف «لقد كانت الصدمة الأولى والصدمة الأقوى للجيش الاسرائيلي في لبنان».
المحصلة النهائية للعملية البطولية كانت 74 قتيلا و27 مفقودا وفق ما اعترف به الناطق العسكري الاسرائيلي، وظل اسم منفذ العملية مجهولا حتى 19 أيار 1985 عندما أعلنت المقاومة اسم أحمد قصير المنفذ للعملية الاستشهادية الأولى.
استمرت عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي بشكل يومي وسجل بين الشهر الاول من عام 1983 والشهر السادس منه تنفيذ 53 هجوما من بينها هجوم على أوتوبيس عسكري في عرمون أوقع 18 عسكريا اسرائيليا أصيبوا بجروح، كما سجل خلال هذه الفترة تفجير ملالة اسرائيلية بجنودها الخمسة في غاليري سمعان مما أدى الى مقتل 3 جنود وإصابة جنديين بجروح.
يوم 5/2/1985 خرج الشاب حسن قصير من مؤسسة جبل عامل المهنية بعد أن شارك بامتحانات الرياضيات، ولم يكن في علم أحد الى أي اتجاه مضى.. فجأة دوى صوت انفجار ضخم... وتوالت الأخبار عن أن الشاب حسن قصير اقتحم بسيارته قافلة كـبيرة من القوات الاسرائيلية المنسحبة من منطقتي صيدا والزهراني، وذكرت معلومات أن 22 جنديا اسرائيليا أصيبوا بجروح بعضها خطرة... وأعلنت حركة أمل (افواج المقاومة اللبنانية) مسؤوليتها عن العملية «التي نفذها أحد تلامذة القائد محمد سعد».
وهكذا تتالت العمليات وشارك فيها مقاومون من مختلف القوى السياسية. في 9/4/1985 نفذت الفتاة سناء محيدلي من الحزب القومي السوري العملية الاستشهادية الأولى التي تنفذها فتاة لبنانية عربية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي. كانت سناء تقود سيارة بيجو عند بوابة باتر التي أقامها جيش الاحتلال وبعد عبورها الحاجز الأول اتجهت سناء بسيارتها المفخخة نحو قافلة عسكرية تتحرك في المنطقة. الناطق العسكري الاسرائيلي اعترف بالعملية وقال: «إن ضابطين من الجيش الاسرائيلي قتلا وان جنديين آخرين أصيبا بجروح من جراء انفجار سيارة مفخخة»...
وهكذا لم يكن يمر أسبوع على تنفيذ عملية استشهادية حتى كانت المناطق المحتلة تشهد عملية مماثلة. وسنكتفي في هذه العجالة بذكر أسماء أبطال هذه العمليات وأماكن تنفيذها:
الشهيد مالك وهبي (نسر البقاع) جسر القاسمية 20/4/.1985
الشهيدة وفاء نور الدين (شهيدة النبطية) 9/5/.1985
الشهيدة ابتسام حرب (فتاة الجبل) رأس البياضة 9/7/.1985
الشهيد خالد أزرق الزامرية 9/7/.1985
الشهيد هشام عباس كفرتبنيت 15/7/.1985
الشهيد علي غازي طالب أرنون 31/7/.1985
الشهيد جمال ساطي حاصبيا 6/8/.1985
الشهيد عبد الله عبد القادر بيت ياحون 15/8/.1985
الشهيد مناع قطايا ريمات/ جزين 28/8/.1985
الشهيد عصام عبد الساتر كفرحونة 3/9/.1985
الشهيدة مريم خير الدين حاصبيا 12/9/.1985
الشهيد علي طلبة حسن رأس البياضة 18/9/.1985
وفي شهر تشرين الأول من العام 1985 نفذ أربعة مقاومين من الحزب الشيوعي اللبناني هجوما اقتحاميا ضد مبنى إذاعة «صوت الأمل» الناطقة باسم ميليشيات أنطوان لحد فدمروه وخاضوا معارك واسعة مع حراسه قبل أن يستشهدوا وهم: الياس حرب، ميشال صليبا، حسام حجازي وناصر خرفان، وفي الشهر نفسه نفذ الشاب أحمد جمعة عملية استشهادية ضد حاجز العملاء في بلدة ريمات جزين.
خلال السنوات العشر التي سبقت التحرير، ولظروف واسباب مختلفة ومعروفة تنكبت المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله مسؤولية المقاومة للاحتلال بشكل رئيسي.
في الذكرى السابعة للتحرير، اللائحة طويلة. المهم الا ننسى!
قبل يومين من هذا التاريخ كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد جردت حملة واسعة على البلدة لاعتقال المقاومين الذين اقلقوا راحة الاحتلال خلال السنوات الثلاث الماضية على وجوده في جنوب لبنان.
كانت ارض الجنوب قد بدأت تهتز تحت اقدام الاحتلال. ثمة رجال نذروا انفسهم لهذه المهمة، وكان على رأسهم القائدان الشابان في حركة «امل» محمد سعد وخليل جرادي من بلدة معركة. وكأي مقاوم يعمل تحت الارض لم تكن صورة محمد سعد معروفة لدى العامة ووسائل الاعلام، الا ان قوات الاحتلال جندت كل عملائها الامنيين لملاحقة هذا الشاب الواعد بعد ان ضجت قرى الجنوب ودساكره بالعمليات الفدائية.
أكثر من مرة افلت محمد سعد من كمين اسرائيلي او من حملة مداهمة بعد معلومات توفرت للمحتلين حول وجوده. هو كان يعرف انه بات ملاحقا، ولهذا لم يقض ليلتين متتاليتين في مكان واحد، وهذه من طبيعة المقاومين. لكن الاحتلال عرف اخيرا كيف ينصب الكمين الملائم لاغتياله.
كان محمد سعد وخليل جرادي صبيحة الرابع من آذار على موعد مع جمع من الاهالي والشباب في حسينية البلدة ظنا منهما انها المكان الاكثر أمنا، فضلا عن مراقبة شديدة من خارج البلدة لامكان قيام القوات المحتلة بحملة مداهمة مفاجئة. فات محمد سعد ان تكون قوات الاحتلال قد فخخت الحسينية قبل يومين بكمية كبيرة من المواد الناسفة يمكن تفجيرها عن بعد. عندما دوى الانفجار واطبقت الحسينية على من فيها اصبح محمد سعد وخليل جرادي وآخرون شهداء.
عند الظهر كان رئيس حركة «امل» نبيه بري يعقد مؤتمرا صحافيا في مكتبه في بربور ليقول: «لقد استشهد اليوم نصف الجنوب وعلى النصف الباقي ان يتابع المسيرة».
يعتبر محمد سعد واحدا من النماذج المقاومة التي تربت في كنف حركة «امل» ومؤسسها الامام موسى الصدر الذي اختفى خلال زيارة الى ليبيا قبل اربع سنوات من الاجتياح الاسرائيلي الثاني لجنوب لبنان عام .1982 هو سافر الى ليبيا بعد الاجتياح الاول عام 1978 على نية توفير الدعم لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي للشريط المحتل. ولهذا السبب كانت المؤسسات التربوية والاجتماعية التي انشأها الامام الصدر مكانا في الوقت نفسه لصناعة المقاومين الذين خرجوا من هذه المؤسسات، وكان منهم محمد سعد وحسن قصير وبلال فحص وآخرون.
ولد محمد سعد في بلدة معركة ـ لبنان 1956 من أبوين عامليين ترعرع في كنفهما. تلقى علومه الابتدائية في مدرسة البلدة الرسمية ثم انتقل الى مؤسسة جبل عامل المهنية (إحدى المؤسسات التي بناها الامام الصدر) في بلدة البرج الشمالي، فدرس علوم الكهرباء وبقي فيها حتى نال شهادته الدراسية التي خولته لكي يعين استاذاً لمادة الكهرباء في المهنية.
كان محمد سعد أحد أبرز الطلاب في مؤسسة جبل عامل المهنية. جريء ومقدام يصرف وقته بالدراسة الاكاديمية وبالمطالعة والمثابرة على حضور اللقاءات والندوات الثقافية والسياسية التي كان يعقدها الامام الصدر والدكتور الشهيد مصطفى شمران. وطد علاقاته الطيبة والجدية مع محيطه وخاصة مع زملائه وقد نال اعجاب اساتذته، ليس لكونه طالباً حافظاً لواجباته المدرسية بل لنشاطه المميز وللتأييد والثقة التي نالها من زملائه الطلاب حيث نال من بين اكثر من خمسمائة طالب الثقة لدى الادارة ولدى الطلاب فتحول صلة الوصل الداعية بينهما.
اتقن محمد سعد فن الاصغاء كما برع في فن الخطابة والكلام فكان محاوراً بارعاً في طرح الاسئلة الثقافية والسياسية. عين مدرساً لمادة الكهرباء في العام 1977 بعد أن رفض عدداً من فرص العمل خارج المؤسسة، ليس لسبب بل لإيمانه بأن المؤسسة هي إحدى القلاع التي بناها الامام لتكون الانطلاقة الداعية والملتزمة لمقاومة اسرائيل ولرفع الحرمان عن كاهل اللبنانيين وتخريج اجيال ملتزمة من اجل مجتمع سليم مؤمنة وهو القائل (فرد رسالي + أمة مؤمنة تساوي حضارة اسلامية).
وجوده في المؤسسة فتح له الآفاق لكي يشارك في العمل الثقافي والعمل العسكري داخل المقاومة والالتقاء بالكوادر من المناطق اللبنانية كافة، إضافة الى إلقاء المحاضرات التنظيمية والقيام بإعداد الكوادر وتنظيم الخلايا في المدن والقرى اللبنانية وكانت المؤسسة هي المنطلق.
خاض وأخوانه غمار المقاومة تحت شعار «اسرائيل شر مطلق» والتعامل معها حرام، وقد سبق هذا القرار سلوك مقاوم،حيث واجهوا في البرج الشمالي وفي خلدة وغيرها من المواقع عندما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تدخل إبان الاجتياح في حزيران عام .1982 مارس فعل المواجهة بعدد من الخطوات التنظيمية عبر صفوف المقاومة:
1 ـ تعبئة الوطنية ودعوة للتمسك بالأرض والقيم والمبادئ.
2 ـ إحياء المناسبات الدينية وإقامة المهرجانات التي من خلالها استطاع مع اخوانه أن يصنعوا المجتمع المقاوم ـ هذا المجتمع الذي شارك فيه الشيخ والمرأة والطفل والشاب حيث توزعت الأدوار بهدف مقارعة الاحتلال. وكان النجاح الباهر عندما اقيمت مسيرة جماهيرية حاشدة في صور بذكرى تغييب الامام الصدر في يوم 31 آب ,1982 أي بعد الاجتياح الاسرائيلي بأقل من 25 يوماً، وهي المسيرة التي دعا اليها في حينه الرئيس نبيه بري.
وقد رفعت في المسيرة شعارات نددت بالاحتلال الاسرائيلي ودعت الى مقاومته بشتى الوسائل المتاحة.
كانت المقاومة واعية للمشاريع الاسرائيلية، وقد رفضت برمتها على لسان نبيه بري عندما قال: لا يمكن أن نكون مع العصر الاسرائيلي الذي حذرنا منه الامام الصدر ولا نركب قطار السلم الاسرائيلي ولن نهادن ولن نسالم ولن نسقط ولا للإفرازات الماضية والحاضرة والآتية لا خوفاً ولا طمعاً فالتعامل مع اسرائيل حرام.
وهكذا استطاعت المقاومة أن تسجل في يوم واحد أكثر من سبعين عملية بين تفجير عبوات وقنص جنود واعتراض آليات وقصف مراكز عسكرية واغتيال عملاء. يومها كتبت الصحف العالمية أن اسرائيل تواجه جيشاً منظماً اسمه المقاومة وقائده رجل من بلدة معركة اسمه محمد سعد.
واذا كان يوم اعتقال الشيخ الشهيد راغب حرب في 19 آذار 1983 سجل انطلاقة الانتفاضة الشعبية الكبرى، فإن انتفاضات القرى والمدن اللبنانية استمرت بتصاعد يوما بعد يوم، تتنقل من قرية الى أخرى، لتعود اليها من جديد.. ولتتحول من ثم كل قرية عن جدارة الى عاصمة كبرى للبنان..
وفي 11/11/1982 سجل التحول الكبير في عمليات رجال المقاومة ضد تجمعات العدو الاسرائيلي: بدء العمليات الاستشهادية.
ففي صبيحة ذلك اليوم، قاد فتى من دير «قانون النهر» يدعى أحمد قصير ولقبه «حيدر» سيارة مرسيدس مفخخة بأكثر من مئتي كيلوغرام من المواد المتفجرة واقتحم بها مقر الحاكم العسكري الاسرائيلي لمنطقة صور، وللحظات.. لم يصدق كثيرون ما سمعوا، ولـكن التفاصيل بدأت تتوالى، «لقد دمر المبنى المؤلف من 8 طوابق على من فيه»، قال أوري أور قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال واضاف «لقد كانت الصدمة الأولى والصدمة الأقوى للجيش الاسرائيلي في لبنان».
المحصلة النهائية للعملية البطولية كانت 74 قتيلا و27 مفقودا وفق ما اعترف به الناطق العسكري الاسرائيلي، وظل اسم منفذ العملية مجهولا حتى 19 أيار 1985 عندما أعلنت المقاومة اسم أحمد قصير المنفذ للعملية الاستشهادية الأولى.
استمرت عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي بشكل يومي وسجل بين الشهر الاول من عام 1983 والشهر السادس منه تنفيذ 53 هجوما من بينها هجوم على أوتوبيس عسكري في عرمون أوقع 18 عسكريا اسرائيليا أصيبوا بجروح، كما سجل خلال هذه الفترة تفجير ملالة اسرائيلية بجنودها الخمسة في غاليري سمعان مما أدى الى مقتل 3 جنود وإصابة جنديين بجروح.
يوم 5/2/1985 خرج الشاب حسن قصير من مؤسسة جبل عامل المهنية بعد أن شارك بامتحانات الرياضيات، ولم يكن في علم أحد الى أي اتجاه مضى.. فجأة دوى صوت انفجار ضخم... وتوالت الأخبار عن أن الشاب حسن قصير اقتحم بسيارته قافلة كـبيرة من القوات الاسرائيلية المنسحبة من منطقتي صيدا والزهراني، وذكرت معلومات أن 22 جنديا اسرائيليا أصيبوا بجروح بعضها خطرة... وأعلنت حركة أمل (افواج المقاومة اللبنانية) مسؤوليتها عن العملية «التي نفذها أحد تلامذة القائد محمد سعد».
وهكذا تتالت العمليات وشارك فيها مقاومون من مختلف القوى السياسية. في 9/4/1985 نفذت الفتاة سناء محيدلي من الحزب القومي السوري العملية الاستشهادية الأولى التي تنفذها فتاة لبنانية عربية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي. كانت سناء تقود سيارة بيجو عند بوابة باتر التي أقامها جيش الاحتلال وبعد عبورها الحاجز الأول اتجهت سناء بسيارتها المفخخة نحو قافلة عسكرية تتحرك في المنطقة. الناطق العسكري الاسرائيلي اعترف بالعملية وقال: «إن ضابطين من الجيش الاسرائيلي قتلا وان جنديين آخرين أصيبا بجروح من جراء انفجار سيارة مفخخة»...
وهكذا لم يكن يمر أسبوع على تنفيذ عملية استشهادية حتى كانت المناطق المحتلة تشهد عملية مماثلة. وسنكتفي في هذه العجالة بذكر أسماء أبطال هذه العمليات وأماكن تنفيذها:
الشهيد مالك وهبي (نسر البقاع) جسر القاسمية 20/4/.1985
الشهيدة وفاء نور الدين (شهيدة النبطية) 9/5/.1985
الشهيدة ابتسام حرب (فتاة الجبل) رأس البياضة 9/7/.1985
الشهيد خالد أزرق الزامرية 9/7/.1985
الشهيد هشام عباس كفرتبنيت 15/7/.1985
الشهيد علي غازي طالب أرنون 31/7/.1985
الشهيد جمال ساطي حاصبيا 6/8/.1985
الشهيد عبد الله عبد القادر بيت ياحون 15/8/.1985
الشهيد مناع قطايا ريمات/ جزين 28/8/.1985
الشهيد عصام عبد الساتر كفرحونة 3/9/.1985
الشهيدة مريم خير الدين حاصبيا 12/9/.1985
الشهيد علي طلبة حسن رأس البياضة 18/9/.1985
وفي شهر تشرين الأول من العام 1985 نفذ أربعة مقاومين من الحزب الشيوعي اللبناني هجوما اقتحاميا ضد مبنى إذاعة «صوت الأمل» الناطقة باسم ميليشيات أنطوان لحد فدمروه وخاضوا معارك واسعة مع حراسه قبل أن يستشهدوا وهم: الياس حرب، ميشال صليبا، حسام حجازي وناصر خرفان، وفي الشهر نفسه نفذ الشاب أحمد جمعة عملية استشهادية ضد حاجز العملاء في بلدة ريمات جزين.
خلال السنوات العشر التي سبقت التحرير، ولظروف واسباب مختلفة ومعروفة تنكبت المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله مسؤولية المقاومة للاحتلال بشكل رئيسي.
في الذكرى السابعة للتحرير، اللائحة طويلة. المهم الا ننسى!
مواضيع مماثلة
» عروس الجنوب....سناء
» سيرة الزعيم انطون سعاده
» سيرة حياة الامير مجيد ارسلان
» الصلاة على محمد وال محمد
» محمد (ص)
» سيرة الزعيم انطون سعاده
» سيرة حياة الامير مجيد ارسلان
» الصلاة على محمد وال محمد
» محمد (ص)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى